بدأت من أكثر من 3 أشهر حكاية قصة الجدة، حابب أكمل الحكاية، حكاية أميرة من زمان غير زماننا، إعترف لها حفيدها و هي في ال 94 من عمرها بمثليته...
ديسمبر 2012
إبتدأت حملة الحكومة الفرنسية لتمرير قانون زواج المثليين، و انطلقت حملة الكراهية و العنف من قبل متبعي الأديان السماوية و أعداء الحرية... كانت الفترة ما بين ديسمبر 2012 و ماي 2013 فترة صعبة جدا على المثليين في فرنسا، لأنها تحررت فيها الألسنة الناطقة بعبارات الكره و الحقد و العنف... ظهر رموز كثيرون ضد زواج المثليين، منهم شخصية كانت معروفة في وقت من الأوقات بقربها من المثليين و اعتمادها عليهم لاكتساب الشهرة، لكنها صارت رمزا للغباء و الكره و التطرف...
تابعت الجدة الأحداث من بيتها الصغير، هل كانت تشك الجدة أن الكارهين يجرحون حفيدها الحبيب بكلماتهم؟ هل كانت تعلم أن كارهي الحب و الحياة هم ألد أعداء أكثر الناس حبا لها؟؟
تابعت الجدة الأحداث من بيتها الصغير، هل كانت تشك الجدة أن الكارهين يجرحون حفيدها الحبيب بكلماتهم؟ هل كانت تعلم أن كارهي الحب و الحياة هم ألد أعداء أكثر الناس حبا لها؟؟
لم أر في حياتي إنسانا يحب جدته كما يحب حبيبي جدته، حتى أني مرات أغير منها !! يحبها بطريقة غير عادية، و يخاف عليها خاصة في عمرها المتقدم... حاولت مرات كثيرة أن أذكره بأن الموت و إن كان قضاء و قدر، لكن سنة الحياة أن تكون جدته في قائمة المسافرين قريبا... و ما راعني إلا أنه أجهش بالبكاء، و لم يتقبل أبدا أن تموت جدته!!
يذهب لزيارتها في بيتها تقريبا مرة في الأسبوع، و يحاول دائما أن يحدثها عن حياته، و لكن، يخاف كثيرا أن تسأله عن حياته الخاصة، و هو في ال 32 من عمره، بلا زوجة و لا أطفال!!
لكنها لا تسأل، و قد تكون في قرارة نفسها تعرف الإجابة!
أنا شخصيا قلت له أن لا داعي لإزعاجها في هذا العمر بحكاياتنا، مادام أبواه و باقي أهله على علم، فهذا المهم، أما هي، فقد لا تتقبل الفكرة و قد تتدهور العلاقة بينهما!!! لكن حبيبي كان مترددا، و خائفا...
لكنه كثيرا ما يتحدث بصيغة الجمع عن سفراته معي، عن حياتنا، مشاريعنا، بيتنا...
أفريل 2013
نفذ صبر الأميرة، و سألته قالت:
"كثيرا ما تتحدث بصيغة الجمع عن نفسك، و تقول نحن، من، نحن ؟؟؟"
فهم حبيبي عندها أن لحظة الحقيقة حانت و أجاب:
"ترددت كثيرا و لكن، لا بد لي أن أبوح لك بشيء، أنا أعيش مع رجل، منذ 5 سنوات... أنا مثلي!"
إلي غايضني جوابها، نعم غايضني، 94 سنة و تجيبه جواب راقي، جواب أميرات...
إنسانة عاشت في مجتمع محافظ، في زمان لم تكن فيه المثلية سوى مرض نفسي أو شذوذ جنسي، و إذا بها تقول:
" أنت تعرف يا بنيّ أني من زمن غير زمانكم، أنا عجوز وهن العظم مني، تربيت على قيم و قواعد أكل عليها الدهر و شرب... لكن، يا بنيّ، أنا أؤمن بالحب، و أرى في عينيك كثيرا من الحب، حدثني عنه"...
حدثها حبيبي عني، و قال لها أني أصولي عربية، و أننا مرتبطان بالباكس من سنة تقريبا...
حذرته مني و قالت: "أرى أنك تحبه، أتمنى أن تكون أحسنت الإختيار"...
قال لها حبيبي "أتمنى أن لا تتغير نظرتك لي بعد معرفتك للحقيقة..." فتعجبت أن يشك حبيبي في رقيها و أخلاقها و ذكاءها فقالت " لن يتغير شيء يا عزيزي، أنت سعيد و هذا أكثر شيء يفرحني، شكرا لك أنك صارحتني قبل موتي بالحقيقة" !!!
ثم أضافت " أنا دائما ما أشاهد في التلفاز المتظاهرين الرافضين لزواج المثليين، كم أكرههم، كم أكره تلك المرأة الخبيثة التي كانت قريبة من المثليين و هي اليوم تبث سمومها في كل مكان، كم أكره عنفهم، يتحدثون بسم الدين و بسم حقوق الطفل و هم أخطر الناس على الدين و الأطفال!!"
نعم، عجوز في عمرها قالت هذا الكلام الذي أخبرني به حبيبي، و كالعادة، تمتزج الفرحة بالوجع، لأني يرحل بي فكري لبلد آل عربان و أتذكر ما نعانيه من جهل و عصبية، جدة حبيبي تعطي دروسا لأكبر أطباء النفس في بلد آل عربان، الجدة تعطي دروسا للمدافعين عن حقوق الإنسان في بلد آل عربان...
و لا أطباء آل عربان و لا نشطاء حقوق الإنسان فهموا بعد معنى كلمة إنسان، لأنهم عندهم خلط كبير بين كلمة حب و حرية شخصية من جهة و كلمة شذوذ جنسي و إعتداء على المقدسات من جهة أخرى...
صارت الجدة الأميرة كثيرة السؤال عني، لكني لست مستعدا أن أقابلها، و أظن أنها هي أيضا لا تنتظر بالضرورة مقابلتي...
مرضت الجدة و قلقنا عليها كثيرا في شهر أكتوبر 2013، لكنها رجعت اليوم أحسن من الأول، و هي في صحة و عافية و عمرها 95 سنة...
في العادة، تقضي الجدة إحتفالات عيد الميلاد مع عائلة حبيبي، يعني أبوه و أمه، لكن، هالسنة، بحكم مرضها و بحكم وجودي أنا أيضا، قرر الجميع أنها تقضي العيد مع واحد من أبناءها الآخرين... مش عارف، يمكن السنة الجاية، نجتمع كلنا و تكون هي حاضرة...
هاذي كانت حكاية الجدة، و يا رييييييييييييت كثيرين من الناس يكونو مثل الجدة، لكن، للأسف، خصوصا عندنا في بلاد العرب، عمرهم في العشرين لكنهم، في تفكيرهم، عجايز أكثر من الجدة... كيف لا و هم مازالوا في القرون الوسطى...
إنتهى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق