السبت، 28 سبتمبر 2013

الجدة 2


1983
حضرت له القهوة، شربها بسرعة، فأصحابه ينتظرونه للعب التنس. منذ أن أخذت جان و زوجها التقاعد، صارت كل الأيام متشابهة، لكن هم يعرفون في بلاد الثقافة و الفن، بلاد الحب، التمتع بالحياة، كبارا و صغارا...
ذهب ليلعب التنس، لكنه رجع البيت في نعش...
مات زوجها بسكتة قلبية...



1985
على بعد 3000 كيلموتر من أرض جان و حفيدها، ولد طفل، حلفت أمه أنها لم تشعر بالألم عند ولادته، خرج من رحمها مغلوفا بكيسه، و منذ وضعوه على صدر أمه، صارت أمه الأنثى الوحيدة في حياته...
لون عيونه أخضر كاسم بلده، تونس الخضراء، فيها زرقة كلون البحر الذي قضى قربه 20 سنة...
ولدت أنا :=)



1998
أطفأت جان 80 شمعة...
مع أولادها الخمسة، و أحفادها العشرة...
بالرغم من عمرها المتقدم، مازالت قدرات جان الفكرية و الجسدية مذهلة... مازالت مستقلة، تمارس المشي يوميا، تطالع الكتب، تعتني بمنزلها، تعيش...
أما حفيدها، فصار شابا يدرس في أعرق المدارس الباريسية...
كثر الحديث في ذلك الوقت عن المثليين، أراد اليساريون حينها تمرير قانون يسمح للمثليين بالارتباط قانونيا بعقد يشبه الزواج، إسمه باكس...
كثر الجدل، و خرج كارهو المثليين كالعادة، متظاهرين، غاضبين، ضد الحب، ضد الحياة...
في يوم من الأيام، نطقت جان بكلمات كانت تظنها مجرد رأي شخصي، لكنها كانت طعنات سكين في صدر حفيدها: " أنا لست ضد المثليين، لكني أظن أن المساكين مرضى يجب معالجتهم..."
لم تكن جان، تعرف أن حفيدها، مثلي...



2008
أطفأت جان 90 شمعة...
لم يتغير شيء فيها، مازالت تحمل سر أخيها في صدرها، و ذكرى زوجها في قلبها...
كان لا بد للاحتفال بعيد ميلادها التسعين...
حضر حفيدها نفسه للحضور لعيد الميلاد، و قبل الخروج من البيت، قبل أن يغلق باب الشقة، ناداه أحدهم من داخلها و قال "أحبك، ارجع لي بسرعة"... كانت العلاقة بين الحفيد و الحبيب في بداياتها، أول 3 أشهر...
أما الحفيد فحبيبي، و أما الحبيب فأنا (يآآآ حسرة، تذكرت أيام الشباب هههه)


23 مارس 2012
بعد 4 سنوات من العلاقة، أحببت أن أدخل الفرحة في قبل حبيبي، و قبلت أن نقوم بالباكس... لم أكن شديد الرغبة، لكن، حبيبي كان مصرا على أن تصير العلاقة رسمية أمام القانون، قال لي "سيحميك الباكس في صورة موتي"، قلت له "لا حاجة لي بالإرث بعدك، فموتك هو موتي" شفتو الرومنسية هههههههههههههه

كان ذلك اليوم أيضا أول يوم أرى فيه أب حبيبي و أمه... كانا على علم بعلاقتنا منذ أكثر من 3 سنين، لكن، لم تسمح الفرصة أن نتقابل...
كان أول لقاء معهما باردا نوعا ما، لكن، كانت بداية طيبة لعلاقة ستتوطد فيما بعد... خصوصا مع حماتي ههههه
علم كل أهل حبيبي بعلاقتنا، و هنؤونا بمناسبة الباكس، أعمامه و أبناء و بنات أعمامه، بالإضافة لأخته... بلا نفاق، بلا خداع، بلا كذب، بكل محبة و إنسانية، بكل إحترام، بالكبير و الصغير، بالعجوز و الرضيع...

كان حبيبي فرحانا، و كنت حزينا، لأني تذكرت بلدي، و أهلي في بلدي، تذكرت أننا أمة النفاق...
كان حبيبي حزينا نوعا ما، لأنه لم و لن يقدر على البوح لجدته أنه مثلي و متزوج برجل عربي...
مازالت كلماتها الجارحة ترن في أذنه "مرضى نفسيون، يستحقون العلاج"...

ديسمبر 2012
تعبت من الكتابة، نكمل المرة الجاية... :=)
يتبع...

ليست هناك تعليقات: